كلمة السيد المدير العام في فعاليات الدورة التاسعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد

 

السيدة الرئيس

اسمحوا لي بداية أن أجدد لكم التهاني و أؤكد لكم دعمنا الكامل لكم في إدارة أشغال هذه الجلسة،

السيدات و السادة الأفاضل،

منذ مرحلة المفاوضات التي سبقت المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد و منذ دخولها حيز التنفيذ كانت مسألة استرداد الموجودات و ما تزال من المسائل المحورية التي تتباين و تختلف نظرة الدول الأطراف إليها من حيث أهميتها و مرتبتها في سلم الأولويات.

فبالنسبة للدول التي تعرضت لنهب أموالها و ثرواتها من جراء أفعال الفساد يعتبر استرداد الموجودات  من المطالب الشعبية و من الواجبات الأساسية التي تقع على عاتق الحكومات لما لها من ارتباط وثيق بثقة المواطن في المسؤولين السياسيين و جدية التزامهم بمكافحة الفساد و بالنسبة للرأي العام فإنه لا يمكن الحديث عن مكافحة الفساد دون اتخاذ التدابير اللازمة و الفعالة لاسترداد عائدات الفساد المحولة إلى الخارج.

و فيما يخص الجزائر فإن هذا المطلب الشعبي يتوافق تماما مع الالتزامات السياسية التي تعهدت بها الحكومة باتخاذ التدابير القانونية و القضائية و الدبلوماسية عند الاقتضاء لتعقب الأموال المنهوبة و استردادها.

لكن الجزائر مثلها مثل العديد من الدول ما تزال تصطدم ببعض الصعوبات و العوائق ذات الصلة باختلاف الأنظمة القانونية و ببعض الإجراءات الشكلية المعمول بها في بعض الدول في مجال التعاون الدولي، غير أن العائق الأكبر يبقى ذلك السلوك السلبي الذي تنتهجه بعض الدول تجاه طلبات التعاون الرامية إلى كشف عائدات الفساد بغرض حجزها و مصادرتها.

إننا لا ننكر الجهود التي قامت بها العديد من الدول التي تستقبل الأموال المنهوبة و لا ننكر المبادرات التي تمت تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة و هيئات أخرى على غرار مبادرة " ستار "، كما نثمن مبادرة Globe Network التي تعد فعلا خطوة ابتكارية من شأنها المساعدة في حل العديد من المشاكل العملياتية التي تعيق التعاون بين أجهزة إنفاذ القوانين و التعاون القضائي بوجه عام في مختلف صيغه.

لكننا نرى في نفس الوقت، أنه لا بد من اعتماد قوانين و أساليب عمل استباقية في مجال مكافحة الفساد على مستوى الدول التي تستقبل عائدات الفساد، و ذلك على غرار ما هو معمول به في مجال مكافحة تبييض الأموال و تمويل الإرهاب.

و في نفس السياق نرى أن للمساعدة الفنية دورا لا يستهان به في هذا المجال الذي ما تزال العديد من الدول تفتقر فيه إلى التجربة العملية.

لذلك نؤكد مجددا ضرورة توجيه الجهود للتنفيذ الفعلي للفصل الخاص بالمساعدة التقنية من الاتفاقية وفق الصيغ التي كرسها المؤتمر في إعلاناته و قراراته السابقة، وكذلك الإعلان السياسي للجمعية العامة الاستثنائية .

من جانب آخر فإننا نثمن المبادرات التي تتجه نحو معالجة جرائم الفساد و استرداد عائداته وفق منظور شامل يراعي ارتباط جرائم الفساد في كثير من الأحيان بجوانب جمركية و جبائية، و هي نظرة واقعية تأخذ بعين الاعتبار حقيقة الظاهرة خصوصا عندما يتعلق الأمر بجرائم الفساد المرتبطة بالتجارة الدولية و صفقات التجهيز و الانجاز التي تتورط فيها شركات دولية كبرى.

في الأخير أتمنى أن تكون الخلاصات التي ستتوصل إليها هذه الدورة لبنة جديدة تضاف الى الرصيد الذي اكتسبته الدول الأطراف منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ و تساهم في المجهود المشترك للمجموعة الدولية في مكافحة الفساد و آثاره.

أشكركم على حسن الاصغاء